تختصر رائحة البخور كرم الضيافة الخليجية، فهي الجزء الأساسي الذي لا تستغني عنه المرأة الإماراتية في حياتها اليومية ومناسباتها الخاصة. ولطالما اهتمت النسوة بكل أنواع الطيب، الذي تدخل تحت طياته العديد من الخلطات العطرية الشعبية منها البخور والمخمرية والبضاعة ومخلطات العطور العربية والتي لا تخلو في مكوناتها من دهن الورد، وعرق الزعفران وعرق الصندل، والعنبر وعرق الحنة وغيرها الكثير.. الذي يلازم المرأة في مناسباتها المختلفة مثل الأفراح والأعياد.

وللعطور الخليجية والإماراتية على وجه الخصوص جاذبية خاصة تفوح بألوان العود والعنبر والمسك التي تعبر عن أصالة وتراث شعب الإمارات، ومازالت المرأة الإماراتية ومنذ القدم تحرص على اقتناء خلطات العطور العربية رغم دخول العطور الفرنسية للأسواق ومنافستها بشكل كبير، إلا أن حضور الخلطات العربية والبخور المحلي هو الأقوى والأكثر طلبا، حيث مازال يشهد إقبالاً كبيراً.وتأتي خلطات البخور المحلي أو ما يعرف بـ «الدخون» ليتربع على قائمة الطيب الإماراتي إذ له مكانته الخاصة والمتميزة لدى الكثيرين منذ أمد بعيد، ولا تزال نسبة كبيرة من الأسر تحرص على استعماله بوصفه موروثا أصيلا عن الآباء والأجداد، وقد يكتفي البعض بحرقه في المناسبات والأعياد فقط، بينما يداوم البعض على استعماله بشكل يومي. وفي سبيل ذلك أبدعت المرأة الإماراتية في تصنيع أنواع مختلفة من «الدخون» إلا أن مكوناته في الماضي لم تتعد بعض المواد العطرية البسيطة المتوفرة في ذلك الزمن مثل سجا العود والمسك والعنبر يضاف إليها دهن الورد وتخلط معاً وتعجن، لتشكل بعد ذلك على هيئة أقراص مستديرة تحفظ إلى وقت الاستخدام.

ويتميز الطيب الإماراتي في الماضي ببساطة مكوناته التي تشمل العود والعنبر ودهن الورد وماء الزعفران والعنبر الأبيض وخشب الصندل، فالعنبر كان وما زال يحظى باهتمام كبير في صناعة البخور، فهو من المواد العطرية المهمة التي كانت تستخدمها المرأة الإماراتية خالصة أو عن بمزجها مع بعض الخلطات الشعبية، ويعد العنبر الأبيض مقارنةً بالعنبر الأسود والأحمر أفضل الأنواع من حيث الرائحة والجودة بل وهو الأغلى ثمنا من بينهن، فهو من المواد التي تستخدم لتثبيت روائح الخلطات العطرية والدخون ويطلق عليه قديما «عرق العنبر».

ومن الأشياء الجميلة التي ما زالت تفوح في أرجاء البيوت الإماراتية رائحة المسك، الذي يدخل في أغلب الخلطات المحلية للطيب، والمسك عبارة عن دهان أسود اللون أو أبيض حسب جودة المنتج يستخدم بكميات معينة حتى لا يغطي على روائح المواد الأخرى في الخلطات وذلك لقوة رائحته الطيبة. كما تستخدمه النساء للأطفال الرضع على اعتباره من الروائح الباردة التي تريح النفس.

ماء الزعفران

كما اشتركت النساء في الماضي مع الرجال في التطيب بماء الزعفران البرتقالي، والذي دخل في أغلب مستلزمات حياتهم اليومية، ودرج استخدامه في الماضي لتعطير كافة أجزاء الجسم وخصوصا الشعر والرقبة عبر دهنها بمستخلص ماء عود الزعفران. ويعد الزعفران من المواد الأساسية في صناعة العطور المحلية، والتي دخلت وبقوة في كافة الخلطات العطرية خصوصا خلطات «المخمرية» و«البضاعة». التي لازمت العروس في الماضي وفاحت بروائحها المعتقة في المناسبات السعيدة.

فالمخمرية الإماراتية تُحضّر من مسحوق أعواد الزعفران المخلوط بسائل دهن العود الأصلي وسائل المسك الأبيض ومسحوق الصندل وعرق الحنا والفل. وتكون على هيئة خلطة عطرية سائلة تضعها النساء قديما على شعورهن خصوصا في ليلة الزواج.

وخلطة «المخمرية» خاصة بالنساء فقط، وتحضر قديما بطريقة مميزة عبر دفن الخلطة في التراب لفترة تتراوح ما بين عشرة أيام إلى أربعين يوماً لتتخمر وتعطي رائحة عطرية نفاذة.

ولا تبتعد خلطة «البضاعة» كثيراً عن المخمرية من ناحية المكونات الداخلة في صناعتها، إلا إنها تتكون من مواد عطرية عشبية مثل عطر الياس الذي هو في الأساس مطحون أوراق شجرة الياس البرية، يتم عجنها بماء الورد لتوضع على شعر المرأة بهدف تلين الشعر وتعطيره برائحة هذه النباتات العطرية الجميلة. وكانت النساء قديما تحتفظ بالعطور والدخون وكل أنواع الطيب في صناديق خشبية متينة تعرف «بالمندوس».

Advertisement


H