30/8/2017
يعد الحج من أقدس الفرائض الإسلامية، التي حرص أهل الإمارات على تأديتها مهما كانت المصاعب والمشاق قديما قبل ظهور وسائل النقل العصرية، فكانوا يقومون برحلات الحج على ظهور المطايا، في ظروف بالغة الصعوبة، حاملين متاعهم الذي يعينهم على هذه الرحلة الطويلة التي تستمر نحو خمسة أشهر، لتبدأ مسيرة القافلة المتوجهة إلى بيت الله الحرام بعد انقضاء عيد الفطر، في أجواء من البهجة الممزوجة بقلق وعورة الطريق، وقلة الماء، وخطر قطاع الطرق، إلى جانب انعدام وسائل الاتصال حينها.
ذهاب وإياب
يقول الوالد محمد سلطان المسكري (83 سنة): إن الحج في زمن الأولين اختلف بشكل كلي عن حج هذه الأيام، وكان من المشقة إلى حد أن الصحة الجيدة شرط لأغلب المسافرين في رحلات الحج ما يعينهم على عناء هذه الرحلة التي كانت تستمر شهوراً طويلة، منذ انطلاقهم من أبوظبي أو المناطق المحيطة بها وحتى وصولهم إلى الأراضي المقدسة، وكانت هذه الرحلة تستغرق نحو شهرين كاملين في الذهاب ومثلهما في الإياب.
ويتابع أنه من الطبيعي أن الذاهبين إلى الحج كانوا يتوجهون في قافلة واحدة حاملين معهم أطعمة تتحمل الأجواء الصحراوية الحارة كالتمر، أما الماء فكان شديد الندرة، وكان يتم التعامل معه بحرص شديد، لأنه إذا نفدت مياه الشرب، ربما واجهت القافلة خطر الهلاك.
ويورد أن أخطر ما في هذه الرحلات، التي كانت تتم في معية دليل خبير بالطرق الصحراوية، مواجهة قطاع الطرق للسطو على ما يحملوه من عدة وعتاد وغذاء، المكون من السمك المالح والأرز والسمن، وهي تعد أشياء ثمينة في تلك الأوقات، مشيراً إلى أن أغلب الطرق التي كان يمر بها الحجيج هي مناطق صحراوية شديدة الوعورة وشحيحة الماء، لذا فقد كانوا مطمعاً دائماً لهذه النوعية من البشر. ويلفت إلى أن كان بعض رجال القوافل يحملون أسلحة خفيفة للدفاع عن أفرادها ضد هذه الهجمات.
ويقول: في وقت كان أداؤها من أصعب الأمنيات التي يرجوها أي مسلم، نظراً لصعوبة الوصول إلى مكة المكرمة، وعدم وجود أي وسائل مريحة للسفر، فضلاً عن المخاطر التي يتعرض لها المسافرون، ومنها المخاطر الصحية، التي قد يواجهونها أحياناً ويصعب علاجها ما يؤدي إلى وفاة الحجاج سواء في رحلة الذهاب أو الإياب، ومن هنا كان المسافر إلى الحج يودع أهله وهم على علم تام بأنه مقدم على رحلة صعبة غير أن ابتغاء الأجر من الله سبحانه وتعالى هو السلوى والمعين للتغلب على آلام الابتعاد والخوف من عواقب الطرق الصحراوية الوعرة في زمن عزت فيه وسائل الاتصال بأنواعها.
مخاطر الطريق
يعود الوالد سالم علي (81 سنة) بالذاكرة إلى تلك الأيام البعيدة، ويقول: إن رحلة الحج كانت من أهم الغايات التي كان يسعى إلى تحقيقها المسلم قديماً قبل انتشار مظاهر التطور والعصرية، غير أن أصعب ما في تلك الرحلة ليس طول فترتها، بل مخاطر الطريق من قطاع طرق والتقلبات الجوية مثل شدة الحرارة أو شدة الأمطار والبرد في ليالي الصحراء، ما يسبب أمراضاً قد تقضي على الحجاج، ما كان يستلزم الحذر الشديد من أفراد القافلة، الذين كان عددهم يتراوح بين العشرة أفراد إلى خمسة عشر فرداً من النساء والرجال، وكان لابد من يتسلح بعض الرجال ببنادق خفيفة حتى يستطيعوا الدفاع عن القافلة ضد هجمات المتطفلين، في حين كان يجب أن يكون عدد الإبل أو المطايا أكثر من عدد الأفراد حتى تستريح بعض الإبل من أحمالها وتستطيع إكمال هذه الرحلة المجهدة التي تمتد شهوراً طويلة في ظروف مناخية وبيئية شديدة الصعوبة.
وحول كيفية التعامل في تلك الظروف الصعبة، يقول سالم: إن المطايا كانت تمضي النهار كله في السير حتى وقت انتصاف الشمس في السماء فيستظلون بأشجار أو صخور للراحة، وكانوا يجمعون الحطب من أي مكان خلال مسيرتهم، حتى يستخدموه للطهي.
ويلفت إلى أن أوقات الراحة في المساء تقل كثيراً إذا كان القمر بدراً حيث يستغل أفراد القافلة اعتدال الطقس ليلا، وانكشاف الطريق أمامهم بفضل ضوء القمر لقطع مسافات أكثر تقلل من عناء السير تحت أشعة الشمس الحارة، علماً بأن الأقدمين كانوا غالبا يقومون بهذه الرحلات خلال فصل الشتاء تجنباً لشدة الحرارة.
وحول الطريق البري الذي كان يستعمله حجاج الإمارات قديماً، يقول سالم «كانت القوافل المتجهة للحج تبدأ بالتوجه ناحية الغرب حتى الوصول إلى حدود السعودية وكان ذلك يستغرق نحو أسبوعين تقريباً، ثم بعد ذلك يتوجه الركب إلى منطقة الإحساء ثم مدينة الرياض، التي تبعد عن مكة المكرمة نحو ألف كيلو متر وهي مسافة طويلة جدا توازي تقريبا ما قطعه الحجاج قبل ذلك، حيث كانوا يمرون بالمدينة المنورة قبل التوجه مباشرة إلى مكة بعد التوقف في أحد الأماكن التي يتوافر فيها بئر للماء، حيث يقومون بالاغتسال وقضاء احت
يعد الحج من أقدس الفرائض الإسلامية، التي حرص أهل الإمارات على تأديتها مهما كانت المصاعب والمشاق قديما قبل ظهور وسائل النقل العصرية، فكانوا يقومون برحلات الحج على ظهور المطايا، في ظروف بالغة الصعوبة، حاملين متاعهم الذي يعينهم على هذه الرحلة الطويلة التي تستمر نحو خمسة أشهر، لتبدأ مسيرة القافلة المتوجهة إلى بيت الله الحرام بعد انقضاء عيد الفطر، في أجواء من البهجة الممزوجة بقلق وعورة الطريق، وقلة الماء، وخطر قطاع الطرق، إلى جانب انعدام وسائل الاتصال حينها.
ذهاب وإياب
يقول الوالد محمد سلطان المسكري (83 سنة): إن الحج في زمن الأولين اختلف بشكل كلي عن حج هذه الأيام، وكان من المشقة إلى حد أن الصحة الجيدة شرط لأغلب المسافرين في رحلات الحج ما يعينهم على عناء هذه الرحلة التي كانت تستمر شهوراً طويلة، منذ انطلاقهم من أبوظبي أو المناطق المحيطة بها وحتى وصولهم إلى الأراضي المقدسة، وكانت هذه الرحلة تستغرق نحو شهرين كاملين في الذهاب ومثلهما في الإياب.
ويتابع أنه من الطبيعي أن الذاهبين إلى الحج كانوا يتوجهون في قافلة واحدة حاملين معهم أطعمة تتحمل الأجواء الصحراوية الحارة كالتمر، أما الماء فكان شديد الندرة، وكان يتم التعامل معه بحرص شديد، لأنه إذا نفدت مياه الشرب، ربما واجهت القافلة خطر الهلاك.
ويورد أن أخطر ما في هذه الرحلات، التي كانت تتم في معية دليل خبير بالطرق الصحراوية، مواجهة قطاع الطرق للسطو على ما يحملوه من عدة وعتاد وغذاء، المكون من السمك المالح والأرز والسمن، وهي تعد أشياء ثمينة في تلك الأوقات، مشيراً إلى أن أغلب الطرق التي كان يمر بها الحجيج هي مناطق صحراوية شديدة الوعورة وشحيحة الماء، لذا فقد كانوا مطمعاً دائماً لهذه النوعية من البشر. ويلفت إلى أن كان بعض رجال القوافل يحملون أسلحة خفيفة للدفاع عن أفرادها ضد هذه الهجمات.
ويقول: في وقت كان أداؤها من أصعب الأمنيات التي يرجوها أي مسلم، نظراً لصعوبة الوصول إلى مكة المكرمة، وعدم وجود أي وسائل مريحة للسفر، فضلاً عن المخاطر التي يتعرض لها المسافرون، ومنها المخاطر الصحية، التي قد يواجهونها أحياناً ويصعب علاجها ما يؤدي إلى وفاة الحجاج سواء في رحلة الذهاب أو الإياب، ومن هنا كان المسافر إلى الحج يودع أهله وهم على علم تام بأنه مقدم على رحلة صعبة غير أن ابتغاء الأجر من الله سبحانه وتعالى هو السلوى والمعين للتغلب على آلام الابتعاد والخوف من عواقب الطرق الصحراوية الوعرة في زمن عزت فيه وسائل الاتصال بأنواعها.
مخاطر الطريق
يعود الوالد سالم علي (81 سنة) بالذاكرة إلى تلك الأيام البعيدة، ويقول: إن رحلة الحج كانت من أهم الغايات التي كان يسعى إلى تحقيقها المسلم قديماً قبل انتشار مظاهر التطور والعصرية، غير أن أصعب ما في تلك الرحلة ليس طول فترتها، بل مخاطر الطريق من قطاع طرق والتقلبات الجوية مثل شدة الحرارة أو شدة الأمطار والبرد في ليالي الصحراء، ما يسبب أمراضاً قد تقضي على الحجاج، ما كان يستلزم الحذر الشديد من أفراد القافلة، الذين كان عددهم يتراوح بين العشرة أفراد إلى خمسة عشر فرداً من النساء والرجال، وكان لابد من يتسلح بعض الرجال ببنادق خفيفة حتى يستطيعوا الدفاع عن القافلة ضد هجمات المتطفلين، في حين كان يجب أن يكون عدد الإبل أو المطايا أكثر من عدد الأفراد حتى تستريح بعض الإبل من أحمالها وتستطيع إكمال هذه الرحلة المجهدة التي تمتد شهوراً طويلة في ظروف مناخية وبيئية شديدة الصعوبة.
وحول كيفية التعامل في تلك الظروف الصعبة، يقول سالم: إن المطايا كانت تمضي النهار كله في السير حتى وقت انتصاف الشمس في السماء فيستظلون بأشجار أو صخور للراحة، وكانوا يجمعون الحطب من أي مكان خلال مسيرتهم، حتى يستخدموه للطهي.
ويلفت إلى أن أوقات الراحة في المساء تقل كثيراً إذا كان القمر بدراً حيث يستغل أفراد القافلة اعتدال الطقس ليلا، وانكشاف الطريق أمامهم بفضل ضوء القمر لقطع مسافات أكثر تقلل من عناء السير تحت أشعة الشمس الحارة، علماً بأن الأقدمين كانوا غالبا يقومون بهذه الرحلات خلال فصل الشتاء تجنباً لشدة الحرارة.
وحول الطريق البري الذي كان يستعمله حجاج الإمارات قديماً، يقول سالم «كانت القوافل المتجهة للحج تبدأ بالتوجه ناحية الغرب حتى الوصول إلى حدود السعودية وكان ذلك يستغرق نحو أسبوعين تقريباً، ثم بعد ذلك يتوجه الركب إلى منطقة الإحساء ثم مدينة الرياض، التي تبعد عن مكة المكرمة نحو ألف كيلو متر وهي مسافة طويلة جدا توازي تقريبا ما قطعه الحجاج قبل ذلك، حيث كانوا يمرون بالمدينة المنورة قبل التوجه مباشرة إلى مكة بعد التوقف في أحد الأماكن التي يتوافر فيها بئر للماء، حيث يقومون بالاغتسال وقضاء احت